languageFrançais

خبير في العقارات: تونس تمتلك فرصاً عقارية واعدة تحتاج رؤية جديدة

في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها تونس، يبرز القطاع العقاري كواحد من أهم مجالات الاستثمار وأكثرها قدرة على خلق الثروة.

غير أنّ هذا القطاع، رغم إمكاناته الضخمة، لا يزال يعاني وفق المختصين من غياب ثقافة الاستثمار الحديثة، ومن تمسّك التونسيين بعقلية "الاختيار التقليدي".

وفي هذا السياق، قدّم أشرف الأشهب، الخبير الدولي في مجال العقارات، في تصريح لموزاييك، رؤية شاملة حول وضع السوق العقارية في تونس، مؤكداً أن البلاد تمتلك فرصاً حقيقية لكنها تحتاج إلى تغيير في طريقة التفكير، واعتماد مقاربة علمية بدل الانطباعات والعادات.

الانتقال من العقار التقليدي إلى العقار المبني على التحليل

وقال أشرف الأشهب، إنّ الاستثمار العقاري في تونس لا يزال يُدار في أغلب الأحيان بشكل عفوي، لغياب ثقافة التحليل والدراسة. 

وأضاف الاشهب   "العقار اليوم لم يعد بيعاً وشراءً فقط. بل هو علم قائم على تقييم واقعي، قراءة للمناطق، تتبع للمعروض، وفهم للطلب، ووفق التجارب الدولية وخاصة في الشرق الأوسط تؤكد أن النجاح مرتبط بقدرتنا على قراءة المستقبل، لا الاكتفاء بالنظر إلى ما هو موجود حالياً."

ويُبرز الأشهب أنّ المدرسة الحديثة في العقار تعتمد على الربط بين البيانات والتحولات العمرانية والاقتصادية، وأنّ المستثمر الناجح هو من يعرف أين يتجه السوق قبل أن يصل إليها الجميع.

الاستشارة العقارية… رافعة أساسية لنجاح أي استثمار

من أهم النقاط التي شدّد عليها الأشهب أهمية الاستشارة العقارية المهنية، فقرار شراء عقار لا يجب أن يكون فردياً أو مبنياً على الانطباع، بل على تحليل متكامل يشمل تحديد القيمة الحقيقية للعقار بعيداً عن الأسعار العاطفية أو الاجتماعية، مع تقييم كلفة الصيانة أو التجديد لرفع القيمة التسويقية. اضافة الى إمكانية تقسيم العقار أو إعادة تهيئته لتحقيق مردودية أعلى، واختيار منطقة صاعدة بدلاً من منطقة مكتظة ومشبعّة مع مقارنة السعر الحالي بالسعر المتوقع مستقبلاً.

وقال الأشهب في هذا الصدد  "أحياناً عملية تجديد بسيطة ترفع ثمن البيع بشكل كبير، وأحياناً تقسيم شقة إلى وحدتين يضاعف العائد، والمستثمر الذكي لا ينظر إلى العقار كما هو، بل كما يمكن أن يصبح."


المناطق الداخلية… الذهب العقاري المنسي

من أبرز الانتقادات التي وجّهها الأشهب للثقافة العقارية في تونس هو التركيز المفرط على المناطق الساحلية، وخاصة تونس الكبرى، نابل، صفاقس، وسوسة.

وقال المختص في مجال العقارات "العقلية السائدة تجعل التونسي يعتبر أنّ الاستثمار الحقيقي موجود فقط في المناطق المعروفة، بينما الحقيقة أنّ عدداً كبيراً من المناطق الداخلية تمرّ اليوم بمرحلة تحوّل عمراني واقتصادي يجعلها مرشحة لارتفاع كبير في الأسعار خلال السنوات القادمة".

وأكد الاشهب أنّ المستثمرين الذين يوجّهون أموالهم نحو المناطق الناشئة غالباً ما يحققون معدلات ربح أعلى بكثير من المستثمرين في المناطق المكتظة.

ضرورة الفصل بين السكن والاستثمار

وفي واحدة من أكثر النقاط حساسية، دعا الأشهب التونسيين إلى تغيير نظرتهم للعقار، قائلاً إنّ الخلط بين العقار المخصص للسكن والعقار المخصص للاستثمار هو أكبر سبب للخسارة.

ويشرح محدثنا "من يشتري عقاراً للسكن يبحث عن الراحة والذوق الشخصي، أما من يشتري للاستثمار فعليه أن يفكر بمنطق آخر، منها  المردودية، الطلب، الحركية، المواصلات، الخدمات، مستقبل المنطقة… وليس المكان الذي يرغب هو في العيش فيه."

أضاف أنّ هذه العقلية هي التي تجعل الكثير يخسرون فرصاً حقيقية، لأنهم يشترون بعاطفتهم لا بحساباتهم.


التحول الرقمي يعيد تشكيل السوق

وأشار الأشهب إلى أن أكثر من مليون عملية بحث عقاري تُسجّل يومياً عبر المنصات الإلكترونية في تونس، وهو مؤشر واضح على تغيّر سلوك الشراء.

ويرى أن هذا التحول الرقمي يمنح المستثمرين فرصة أكبر لجمع المعلومات والمقارنة بين الأسعار والمناطق، لكنه في الوقت نفسه يكشف غياب الوعي التحليلي لدى العديد منهم،  "المنصات توفر المعلومات، لكنها لا توفر التحليل. ولذا يبقى دور المستشار العقاري ضرورياً لربط هذه البيانات بقراءة مستقبلية حقيقية."

تونس… سوق واعدة لمن يقرأ المستقبل

في ختام حديثه، أكد أشرف الأشهب أن تونس لا تعاني من نقص في الفرص العقارية، بل تعاني من "نقص في القراءة الصحيحة للسوق". وقال الأشهب "إذا استطعنا تغيير العقلية، واعتمدنا على التحليل والمناطق الصاعدة، وابتعدنا عن الاستثمار بدافع اجتماعي أو عاطفي، فإن القطاع العقاري سيكون من أهم محرّكات الاقتصاد التونسي."

وخلص  الأشهب تصريحه، أن الطريق نحو تطوير قطاع العقارات في تونس يبدأ بـ3 مبادئ أساسية، وهي  التحليل قبل الشراء، الفصل بين السكن والاستثمار،  التوجّه نحو المناطق الصاعدة بدل المناطق المكتظة.

ويشكل هذا التوجّه وفق قوله خريطة طريق واضحة لكل مستثمر يسعى إلى تحقيق الربح دون المخاطرة غير المحسوبة.

صلاح الدين كريمي